الخميس، مايو 22، 2008

وفى السير اشياءا ...

فى السير تأمل و تفكير و تنشيط للتساؤلات و الافكار الكثيرة والهام لكل من يتأمل البشر و الحياة و جدواهما ...
أسير فى مصر -مصر بلدي الحبيب التي لم اعرف غيرها وطنا - أري عيونا جائعة تتفحص كل ما يسير امامها , فإذا رأت سيارة فارهه امتلأت حقدا و تمني و اذا رأت مخلوقا انثويا جاعت و استبدت بها اللذة و بحثت عن أي ملمح للجسد الانثوى مغطي ام ظاهر و يطلق العنان للخيالات الجنسية من واقع تراكمات ما تراه تلك الاعين على شاشات الانترنت و المحمول و التلفاز , أي كان تلك العيون لرجالا او شيوخا او شبابا او صبية .ربنا تترجم تلك العيون آلياتها الى تصرفات يدوية او كلمات يهمسون بها الى أي انثى وكأنهم يسيرون فى شارع للعاهرات تكون فيه أية انثى عاهرة متخفية ...تلك ظاهره جديدة تفرض نفسها على مصر و المصريين فى السنوات العشر الاخيرة , كلما تغطت الاجساد بالانواع المختلفة للاغطية كلما زاد السعار و النظرات الجائعة , لا أبالغ -يارب اكون مبالغة - فى تلك الظاهره معاني كثيرة وخطيرة .
تعني اننا لا نحترم النساء , تعني اننا لا نحترم حرية بعضنا البعض نكبت حرية النساء ان تسير فى الشارع ونطالب بالحرية السياسية , تعني ان من يتحرش معنويا او ماديا بانثى وهو نفس الشخص الذي يأمر حريمه يأن يتغطين و يخاف على نساءه من ان يتعرضن للمضايقة فى الشارع نعم انه نفس الشخص والله...وتعني ان الفراغ السياسي و الاحباط الاقتصادي سينتج حتما ثورة جنسية تتداخل معها دروشة احيانا و ميل للاصولية حيث الحل الوحيد لتجنب مضايقة الرجال هو النقاب و" الوقور فى البيت " ...تعني ان هناك ردة قادمة لا محالة فى النظرة للمرأة و عن جدوى نزولها الى الشارع ...
فى السير ترى تعابير الوجوه تقول كل شىء عن الاحوال فى مصر , تكشف أن فى النفس جروح , وان فى النفس افتقار للعدالة و افتقار للامل فى ان فى اخر النفق المظلم نورا او نويرا ...تكشف أن التمحور حول الدين أي كان كان دينا خالا ام دينا سياسيا هو الحل للخروج من ازمة الانتماء و الهوية و الفاعلية فى جماعات صغيرة بدلا من لاشىء ..تكشف ان لاستماع للدروس الدينية فىه راحة للنفس المتعبة و الحائرة بين ما نريده و ما يتم تحقيقه وبين الفساد والزيف و الازدواجية و المعادلة بين الغرب و الشرق و الاسلام الذي بلا مسلمين و المسلمين الذين بلا اسلام...
فى السير ترى الحيوانات أسعد المخلوقات يتركز همها فى الهروب من مطاردة البشر القساة أو البحث عن طعام فى بقايا البشر , ترى القطط تغمض عيونه ناعسة وكأنها تمتلىء سلاما نفسيا ثم تذهب فى نوم عميق ولا شىء يؤرقها فى هذا العالم حتى موتها لا يؤرقها , فليس هناك من يرهبها من عذاب القبر و الاخرة ويحيل حياتها الى جحيم اذا لم تنفذ التعليمات..
فى السير ترى الناس تتجدث فى المحمول بشدة وكثرة تتركز العيون فى شاشات اما صغيرة او كبيرة او عملاقة و تلتصق الاذان فى اجهزة صغيرة بأشكال متعددة .
فى السير سيارات و سائقون يركز كل منهما ان يسابق الاخر فى سباق بلا جدوى مثل الحياة , ترى الكل يجري و يلهث رغم ان اشارة التوقف تنتظر كل منهما يتسابقان أحيانا حتى لا يقفا فيها ولكنهما سيقفا حتما فى أخرى وما سعي الانسان الا هباءا ...
فى السير حياة و مللك ينظمه سيده بهندسة مدهشة و عالم مجنون ترى هل من الافضل السير متخفيا " انفيزيبل "؟؟