الاثنين، أبريل 25، 2011

عالبحر يوم شم النسيم

يلفحني هواء أبريل شط الاسكندرية البارد وأنا أتأمل اللحظات الثمينة التي أسرقها وتسرقني للتأمل في الكتل البشرية من حولي ...

طالت اشارة المرور و قاربت على الثلث ساعة وبدأت أشعر بالالفة مع الطفل الجالس بالسيارة التي بجانبي يرتدي نظارة والده الكبيرة و يصيح ليلفت نظري ثم يعود ويخجل من فعلته ,وكأنه يتمرن على ما سيفعله بمستقبله مع الجنس الآخر... عندما يجدني ابتسم له يخجل ملوحا رأسه بالجهة الاخري....

يمر بنا كافة أنواع البشر وغالبيتهم من السواد الاعظم من الشعب المصري , شعب سيدي بشر الشعبي الثائر المبتهج رغم القلق القابع بالعيون العجوزة والامل القابع بالعيون الشابة .

على الحوائط رسومات لشباب الثورة " بحبك يا بلدي " , "اخيرا تنسمنا نسيم الحرية" ورسمة لقسيس يحتضن شيخ وكل منهما يمسك سبحة تخص الآخر...

اعلانات " انا مصري ضد الارهاب "....

شباب مبتل ملابسه يمسكون اعلاما لمصر و ليبيا فيحيهم شاب –يبدو انه ليبي الجنسية –يمتطي سيارة فارهه عليها علامة " جماهيرية" وبجانبه فتاة تبدو ملامحها مصرية ...... قومية عربية بأة.!!

تتهادي السيارة التي أركبها ببطء شديد مع نسيم البحر البارد وشمسه المشرقة وضواء المحال والكتل المتلاحمة للشعب المصري....

في وسط الضجيج تتهادي فتاتان مراهقتان تهمس احداهما للاخري : " هو بيبص لي كتير تفتكري ايه؟..."

فوضي مرورية وازدحام شديد وجرأة سائقي المايكروباص او ما يسميه السكندريون "مشروع " ووجود شرطي على استحياء وفي العيون تحفز وبعيون الشرطي " حكمة مشوبة بحذر....!

أنظر الي السماء الصافية الراضية عن شعب أراد يوما أن يعيش بحرية فاستمعت له وساعدته تنصب الزرقة الي البحر الاكثر زرقة والطبيعة الجميلة فأجد من يتمتع بها تبدو عليه امارات المسيحية و بجانبه من يبدو عليه غير ذلك فأجدني متأملة ومندهشة : عن أي دين وأي فطرة كان يتحدث الشيخ الحويني وهو يحرم الابتهاج بشم النسيم وتناول الاكلات التي يحبها المصريون....... ألا يعلم أن شم النسيم عيد فرعوني ثقافي تاريخي مصري أصيل لا علاقة لأي دين به ؟؟؟

على قارعة الطريق نجد توك توك ينفجر طبلا و رقعا " نقفل على بعض بترباس ...والسلام الرس بالراس...." فيتراقص حفنة من شباب كانوا يقفون بجانبه بالصدفة ويمر بهم 3 شباب وفتاتين فيتراقص الجميع ثم يقوم بائع الفريسكا بحركة راقصة تضامنا مع الراقصين فيتضاحك الجميع....

فهل يحرم الله البهجة؟؟؟!!!

يتراءي لكل أفراد اشارة المرور الشبه مستديمة مشهد فطري عفوي جميل : شاب يسير بكلب بوليسي ضخم فجأة يشده الكلب نحو كلب ( أنثي) من نفس الفصيلة ليقبلها بثغرها ...هكذا دون التقيد بعقد آدمية ولا مقدمات بشرية...!

على كازينو بئر مسعود : بالمناسبة لا ندري خصيصا من هو مسعود وقد تعددت الخرافات والشائعات – لكن هو وسيلة حتى يحصل عليها المتشردين على الاموال التي تلقيها من تبغي غير الله محققا لامانيها وكم من صبي نزل البئر ليلا لجلب

الاموال التي ألقيت صباحا فلا يعود وحينما يخف حمله من الحياة تطفو جثته في البئر .....أطل على كازينو البئر المجدد فألتفت غاضبة لجملة استأت منها :

" فوضي ...فوضي آدي اللي خدناها من الثورة يا ستي ..." جملة قالتها سائقة لسيارة ماتريكس تمتلىء يديها بالمصوغات الذهبية , انظر غاضبة ومتعجبة مالعلاقة الاشارة الطويلة بالثورة ؟؟؟ ألتفت يمينا لأجد مفاجأة بطول سور فيلا قديمة ....

وجوه شهداء ثورة 25 يناير يطلون على الاشارة الطوييييلة بوجوه سعيدة بشوشة تخيلت نظرات الاستياء لجملة تلك السيدة السائقة : " ألهذه الجملة دفعنا حياتنا ثمنا ....!! "

تستمر السيارة في السير مشغلة العندليب " أي دمعة حزن لا ...لا ..." وكأنها تتصارع مع أغنية العبد والشيطان بالسيارة التي بجانبي ويمتطيها مراهقين في شكل شباب " سيس " :

" قلبي دق ...دق قلت مين عالبيبان دة....قاللي افتح دة الزمان قلت له يا قلبي لأ "

ويقابلها صوت به من هموم الشعب المصري : " وبقيت تلعب بوكر وبتشرب جون وووكر ثم يكررها ....بنغمة مختلفة..." يظلان يتصارعان الي ان تسبق سيارة الصبية سيارتي ......الحمدلله !!!!

وددت أن تعود سيارتي بالزمن إلي الوراء....!!!

كتبتها بإشارة مرور طويلة على كورنيش الاسكندرية

شم نسيم 2011