الثلاثاء، أبريل 22، 2008

المنطقة الرمادية

" اخدش المنطقة الرمادية " -عبارة توقفت عندها قليلا وجدها على كارت شحن المكالمات -نتواصل مع بعضنا البعض ببضع ارقام ندخلها الى شبكة الاتصالات حتى تأذن لنا بالتواصل الصوتي - ماعلينا
كنت اقول استوقفتني كلمة المنطقة الرمادية , ترى ماهي المنطقة الرمادية فى حياتنا ؟ إنها تلك المنطقة الضبابية التي تتداخل فيها المبادىء و القيم و الصواب و الخطأ . إنها تلك المنطقة التي لايوجد فيها حسم للامور لا يوجد جانبين نتخذ حتى أي منهما ...
منطقة لها ثقافتها و ايدولوجياتها و قوانينها و سكانها أيضا بعض السكان دائمون مستقرون فيها و بعض السكان يسكنونها أحيانا و يتركونها أحيانا . كل منا أقام فيها ولو لوقت من الزمن وكلنا واردها..
عندما تسكن هناك , تظل على الحياد تخفي قراراتك الحاسمة و الى أي نظام أو كيان تنتمي , الى أي مبدأ تحب ان يسد.
يميل غالبية الحكام العرب الى الاقامة فى المنطقة الرمادية كخيار استراتيجي - و الخيار الاستراتيجي كالخيار المحقون بالهرمونات المتوفر فى الاسواق حاليا ليس له طعم ولكن يبدو ظاهريا متناسق وهي النباتات التي يتغذى عليها أهالي المنطقة الرمادية حيث لا تنبع المواقف من القلب وانما مسيسة و مطوعة لخدمة أهداف ..... استراتيجية أيضا !!
فى اعماق الحاكم العربي المطوع " الرمادي اللون " يكره الكيان الصهيوني و لا يود التطبيع معه و انما مجبر هو و محكوم -بارادته - أن يحض على المضي قدما فى عملية السلام و استنئاف المفاوضات و الرجوع الى اتفاقيات اوسلو -منطقة رمادية اخرى ..
لا يبدو أن محور الشر -الادارة الامريكية - محبوبة فى المنطقة العربية رغم ان العلاقات السياسية و الاقتصادية قوية للغاية مع من يقودون تلك المنطقة الرمادية العربية. تلك الازدواجية و التسييس حقيقة مطلقة فى المنطقة الرمادية و استراتيجيتها ...
أحيانا تحتدم الامور و تتأزم المشاكل و تتكالب قوى الطبيعة ضدك فترى نفسك مضطر الى الهروب من حسم الامور -لان فى حسم الامور الشقاء او ربما الكثير من المشاكل -فتضطر الى اللجوء الى المنطقة الرمادية مؤقتا .
ولكن من يستقرون فى تلك المنطقة و يتخذون من مبادئها منهاج و سياسة ترى ما شكل حياتهم ؟ ما لونها و طعمها ؟ هل بداخلهم ما يبدونه؟
اذا اتخذوا قرارا فى العمل يتسبب مشاكل من من يرأسونهم , يعتبرون من المتمردين و العاصيين و اصحاب المواقف لذا فالمنطقة الرمادية هى الحل...
اذا احتملت زوجة الطباع السيئة و الاشياء التي تضايقها من الزوج بدون محاولة للحسم او اتخاذ وقفة لوقف النزيف العصبي و النفسي لها , فهي من سكان المنطقة الرمادية الاساسيين حيث لا تستطيع تحمل عواقب اتخاذ موقف...
اذا قابل الشعب ما تقدمه له الحكومة من وجبات كمزيج من الاستخفاف بالعقل و الارهاب الفكري و الاشاعات الكاذبة , فهو من سكان المنطقة الرمادية حيث لا يستطيع تحمل عواقب اتخاذ موقف و اعلان العصيان المدني -وإن كان بوادر خدش المنطقة الرمادية آتية لا محالة .
اذا قابلنا الظواهر الاجتماعية بسياسة دفن الروؤس فى الرمال - لانه عيب أن نتحدث فى العيييييييييييييب - تكون المنطقة الرمادية سكننا وملجأنا .
أتمني أن نخدش المنطقة الرمادية دائما وليس برعونة حتى لا تضيع الارقام....

الخميس، أبريل 10، 2008

فى الاضراب حياة

اعتقد انها البداية , بداية النهاية , نهاية عصر و بداية عصر ولكن الشعوب لا تنتقل من مرحلة الى اخرى بسلاسة او بسرعة .نعم الاضرابر بغض النظر من نجاحه وفشله هو البداية و البقية تاتي ....
طلاء الصحف باللون الوردي لن يجدي , طلاء البيانات الحكومية وتجميلها بالاراقام لن يجدي, تزوير الانتخابات و ضرب كل معترض على التزوير و سحله لن يجدي , ارهاب الشعب بكل قوانين الدنيا لن يجدي , لانه اذا وصل الامر الى الخبز فكل ما فعلته الحكومة سينهال عليهم سريها وبتدفق غريب .
الثورة و الغضب يحتاج الى سبب صغير وتافه ليفتح الهويس على اسبابا ماضية مسكوت عنها و تراكمات وذكريات اليمة ...
ذكريات من ماتوا فى طابور العيش -لا تقل لي سلوك بشري ولكنها تظل ذكري- ذكري من ماتوا غرقا واضعين حياتهم فى رهان ضعيف لاجل الهروب من جحيم الوطن الذي لم يحقق له احلامه -أليس من حقنا الاحلام ؟- ذكري من يغيبون لسنوات بدون تهمة واضحة او جرم كبير ذكري من يموتون من تعذيب باشوات الشرطة و ذراع حبيب العادلي واصابعه..ذكري من ماتوا فى العبارة ...ذكري من اختفوا للاسلمة ثم عادوا بحكايات تثير الغضب و الفتنة ...ذكري من ضاع حقهما فى طائرة امريكا و حرب العراق و حرب الخليج و الريان واشباهه...
ذكريات اليمة للوطن و للحكومة و العصر المتداعي و لم يعد يجدي " اللفتات الابوية للرئيس ولا التحالف مع الفضائيات و لا الاحزاب ولا الارهاب البوليسي , لم يعد حتى يجدي الهاء الناس باي قضية ولا الزيادة للرواتب ولا اي من الالاعيب الحكومية ... فقد طال عصر مبارك و طال الضجر و أينع الفساد و كثر الحديث عن الفضائح و الكبت و امتلا الجميع بالغضب و امتلأ شباب الامة بشهوة التغيير و الرغبة فى احداث واقع آخر بعد ان امتلأوا بالاحباط المتتالي .
كلما كبر و علا الفساد عن اخره ووصل الغضب الى مداه يأتي الرئيس المنقذ فى اخر لحظة -مثل الشرطة فى الافلام العربي - للتدخل و انقاذ و تعديل كل مائل , يتدخل من اعلي حصانه العاجي لان " سيادته مشغول دايما " ..انها الصورة الدائمة التي تظهر فى اغلب الاحيان ولا اقول انها وليدة التخطيط وانما جاءت كفكرة طرأت على احد صناع القرار فى ليلة ما او جلسة ما ...
انها نظرية الاستئصال و المسكنات التي تسيطر على حياتنا و بلادنا العزيزة المظلومة معنا ولولاها لما قامت الثورات و لا الاحتجاجات
النظرية تقول ان الحكومة الرشيدة عندما تجد موقفا او مشكلة تسعي لقطعه او استئصاله ولكن فى اغلب الاحوال تستخدم المسكنات و الحلول المؤقتة كالضمادات التي تكتم نزيف الجرح او البن لسد النزيف احيانا دون هلاج للمشكلة من جذورها ...
المظاهرات تعالج بتفريقها و رش الغازات او الضرب بالهراوات وليس السعي لحل سبب المظاهرات بل واحيانا يتفتق الذهن الامني بحيلة لا تعالج الامر بالطبع وانما تحله و تصرفه ارهابيا - وهي دس مجموعة من المسجلين خطر او المسجونين (الذين هم تحت تصرف الداخلية دائما ) وسط المتظاهرين و الغاضبين و قيادتهم وتوجيههم للتخريب او لفعل ما يعطي الذريعة للدفاع عن امن مصر ...
الفتنة الطائفية و هروب المسيحيات و جماعات التبشير المسيحية و اسلمة المسيحيين هل يتم الحل؟ ابدا
الحل فى المسكن
هروب الشباب الى الخارج و المراهنة بحياتهم هل يوجد حل ؟ ابدا مسكن ايضا وان وجد
غلاء الاسعار و احنكار السلع ؟ هل يوجد حل؟ او حتى السعي للحل و العلاج ؟ابدا , ترك الحال على ما هو عليه و على المتضرر اللجوء الى اي شىء اخر للتعبير عما فيه وسوف يجازي و يعاقب عقابا شديدا اذا عبر و اراد التغيير و الحل ( يعني مش عجبني و هتضرب )
اذن فالاضراب و تكراره هو الحل و نظرية غاندي فى الثورة و الاحتجاج الصامت هي الحل ؟
لا ادري حقيقة , بل افكر معكم ..
ان الانقلاب العسكري بمنتفعيه و اقطابه ينتج عنه نجاحا فى البداية ثم تاتي دبابير الفساد لتعشعش فى شجرة النظام و تبدا نظريات المؤامرة فى نسج عش الفساد و الدولة البوليسية تظهر من جديد و اعداء النظام يصير هو الامر الواقع و فرض الراي و النظريات و التاجيل المؤقت للديموقراطية حينما يكون الشعب جاهزا هو الحل ...هل نريد ذلك؟
ام الحل يكون فى دكتاتور محبوب زعيما حقيقيا يكون فارس مصر و المصريين يقود السفينة و يؤمها ولا رأي يعلو بعد رايه لكنه يكون نزيها و نبيلا و متعاطفا و منحاز للفقراء ؟؟؟ انريد ذلك و نستغني عن حكم الشعب و الديموقراطية الحقيقية لاننا لا نجيدها ؟؟؟ لا ادري
ام الحل يكون شعار " الاسلام هو الحل " و الشريعة هي المنهج والشيوخ هم القادة و المفكرون والتشجيع على اجتهاداتهم فى ضوء السلف هو الطريقة لخروج مصر بعيدا عن غياهب العولمة و اضرار الانفتاح على العالم الخارجي و الثقافات الاخرى ولكن .. هل ستتحول الدولة الاسلامية و " جمهورية مصر الاسلامية " الى الفساد و الزندقة ؟ و تتحول الشرائع و مناهج المستوردة من اراضي الحجاز الى صكوك غفران و يصير الشيخ الفاسد داقعا للناس للخروج من شرنقة الدين و تفضيل الحياة بدون دين على العيش بدين كاذب ؟؟؟هل ستتحول الدولة الاسلامية من التسامح شيئا فشيئا الى التطرف و الكبت و عدم قبول الاخر لانه فعل كذا وكذا مما يخلق اعداءا فى الخارج و الداخل و يعود لتطل الدولة البوليسية من جديد ولكن بثوب شرعي اسلامي هذه المرة ؟؟؟
لا ادري حقا كل تلك التصورات لخريطة مستقبلية وحياة اخرى مصر مقبلة عليها وحتى ان رسمت دبابير النظام منهج وتصور اخر مثل الحياة فى المدن الجديدة و مدينتي و دريم لاند أم سيكون للقدر رأيا اخر؟