الخميس، ديسمبر 30، 2010

اجمد عشرة في الالفية الثالثة

توشك العشرة الاولي من الألفية الثالثة على الانتهاء بعد ساعات ..

وستمر بنا إلي جسر العشرية الثانية من الالفية الثالثة الممتلئة بغضب الطبيعة، التى يبدو انها لن تهدأ.

استقبلت مصر هذه الالفية بحفل للموسيقار جون ميشيل جار، والذي لم يعرفه من المصريين سوي قلة قليلة منهم وزير الثقافة خالد الذكر فاروق حسني، والذي تعرض خلال تلك العشرية الأولى للكثير من الكبوات ..

و لكنه اجتازها كلها بنجاح مادام في حكومة الحزب الوطني الخالدة.

كبوات بدأت بفشله في الترشح لمنصب اليونسكو، ومرورا باستقالته و حبسه لصديقه بتهمة الاهمال في أمن المتحف المصري، وسرقة لوحة الخشخاش ... ليظل قابعه فوق كرسيه ولو كره الكارهون.

وقطعا استقبلت مصرنا الحبيبة الالفية الثالثة بالحزب الوطني، وهاهي تودع عشريتها الاولي أيضا بالحزب الوطني ... وبنفس الوجووووووه "المستقرة" المصبوغة الشعور و الخالدة التجاعيد والمتهالكة الأطراف، مع قليل من الوجوه الشابة.

تسبب نسف برجي نيويورك فى عام 2001 في ردود فعل متباينة بين شماتة و دهشة وتوجس، وكأن هذان البرجيان هما حجر الزاوية للسلام العالمي، فقد شحن "الفاتح" بوش بطاريات دولته، واعلن عن محاربة الارهاب، الذي يقال انه لم يمس أي يهودي عامل بمركز التجارة العالمي – ربما لانهم "شعب الله المختار" ..

وتبدأ سلسلة من الأشرطة الجهادية برعاية المخابرات المركزية، وبصوت كل من المجاهد أسامة بن لادن والمصري الطبيب أيمن الظواهري ... على انهما المسئولان عن انهيار البرجين ... ويرتفع نجم الاسلام كديانة في السماء العلي بين خائف ومتوجس و دارس لهوية الاسلام والمسلمين ..

وتقع ورقة التوت لتكشف عن سوءة العالم الغربي المتحضر، الا وهي العنصرية في أبشع صورها ضد أمة العرب جمعاء، في امريكا وغيرها من البلاد الاوربية، بدءا من تحطيم مصالح العرب، مسيحيين ومسلمين، بامريكا و نزع الحجاب من المسلمات بشوارع بامريكا ... ومرورا بشعور المسلمين المهاجرين بالخوف ..

ثم جاءت حادثة طعن الدارسة المصرية مروة الشربيني بالمانيا، وذلك في ساحة القضاء فى ظل حماية الأمن، ثم الاساءة لنبي الاسلام على يد رسام دنماركي مغمور – يبدو انه درس الاسلام عن قرب بعد انهيار البرجين - و انتهاءا باساءة بابا الفاتيكان شخصيا للاسلام ونبيه ..

و أخيراً يظهر مصطلح جديد "الاسلاموفوبيا" للغة أهل الالفية الثالثة.

خلال تلك العشرية تعززت الطائفية بمصر واستفحلت بين اغتصاب مسيحيات ومسلمات وأسلمة مسيحيات و عمليات تبشير ورد فعل ورد فعل مضاد، مما أدى إلى حدوث فتن عديدة انفجرت في عدة مناطق بمصر، و منها عملية ضرب النار على المصلين بكنيسة نجع حمادى، ثم بالعمرانية عندما رأينا مشهد ضرب المصريين المسيحيين للامن المركزي ... المصري أيضا !!

ينتشر الحجاب ودعواته، و يبزغ نجم مشاهير الدعاة بالاعلام والفضائيات، و تنهمر الفتاوي وتتبلور الافكار لنبذ الحجاب والاتجاه للنقاب، وينتشر فعلاً النقاب ببقاع اوروبا المختلفة ... وتمنعه فرنسا والمانيا، فيزداد جاذبية ... وتطلق اللحي ليظل الاسلام واقفا بمسلميه عند قشوره دون تقدم.

يتم محاربة طالبان (مؤقتا)، لتظهر أول فتاة كاشفة عن وجهها في طابور انتظار غذاء اغاثة الامم المتحدة ... ثم لا تلبث أن تعود طالبان بقوة في نهاية العشرية الاولي لبناء ذاتها، بحصيلة 3000 جندي امريكي ضحايا عملياتها بافغانستان.

تم احتلال العراق، أو لنقل "تحرير" العراق من الطغاة، ليأتي طغاة جدد وعلى أفيالهم يحضر الى البلاد كل من كان ممنوعا عنها ... تتمزق العراق بالانفجارات وتظهر طوائفها، ويختفي صدام ورجاله واسرته، وتلجأ بعض بناته الى الاردن ... حتى تطل علينا الشاشات بجثتي عدي وقصي صدام حسين وابن قصي الاصغر ..

لتكون للالفية الثالثة الريادة الاعلامية ..

ومن ضمن تلك الريادة للالفية الثالثة طغيان الفيس بوك على غيره من المواقع، وثراء مؤسسه (ذو ال 22 عاما) و ظهور صور تعذيب مقززة لعراقيون وافغان بسجن ابوغريب 2003 مع جنود امريكان، لنستخلص أن لصدام ظلالاً غربية وامريكية واوروبية ... وبالتالى لا تنفرد الحكومات العربية و رجال أمنها وحدهم بتهمة الوحشية مع معارضيهم ... فهناك متهمين أقبح منهم، ولكن في هيئة شقراء غربية متحضرة جميلة تأكل بالشوكة والسكينة..

فى أكتوبر 2003 يتم العثور على صدام شامخاً ملتحيا ثائراً ... بمخبأ تحت الارض !

وتبدأ سلسلة محاكمات هزلية لمن سبق و حاكمهم ظلما ونفاهم عن عراقه، ليكون مشهد شنقه امام العالم حزينا بائسا حتى فى أعين من كرهوه.

يتم التجديد لبوش الابن "الاحمق" على حد قول والدته ... وتتفاقم أزمة الجنود الامريكان بافغانستان والعراق، وتفضح السينما الامريكية رئيسها بعدة افلام عن لعبة العراق, كما تظهر أول صورة لعراقيين يهتفون ضد الاحتلال الامريكي على جسر الفرات ... وبجانبهم جثث لجنود امريكان محروقة او مشنوقة.

تزداد المقاومة العراقية مع تزايد عدد أشرطة بن لادن والظواهري وابي مصعب الزرقاوي، مع تزامن زيادة شيوخ الفضائيات الذين فتح لهم الداعية الشاب عمرو خالد الباب ... ليتم الغضب عليه، فيزداد نجمه بريقا بعد ابعاده الى لندن..

يعود عمرو خالد من جديد في نهاية الالفية على استحياء، بخطاب ديني ايجابي يشن به حروبا على التدخين والمخدرات ومحاربة البطالة ... ولا يتوقف سيل الفتاوي ولا الفضائيات الدينية الصارخة بالويل و اللعنات.

الانقسام الداخلي كان عنوانا للعشرية الاولي، فالإنقسام المصري الداخلي بين المتدينيين السلفيين والمتدينيين المعتدلين وبين مسيحيين ليبراليين ومسيحيين علمانيين، و بين مسلمين ومسيحيين في التصنيف الاكبر .. وكذلك بين الفلسطينييين من حماس وفتح بعد وفاة الاب الروحي لفلسطين أبو عمار ..

و نرى الإنقسام ايضاً بين مناصريين ومعارضيين بكينيا و ساحل العاج، وكذا بلبنان المنتفضة من غبار حرب لبنان 2006 وحتى بين الكوريتين ... بالاضافة الى الانقسام الاكبر بالعراق، وإن كان متعدد الجوانب مثلما يحدث دائما حينما "يحرر المستعمر" الاراضي الغنية بالثروات بالاحتلال ..!

ناهيك عن الانقسام المنتظر لتلك البقعة الجنوبية العزيزة على قلب مصر والتي لم يتخذ للاسف النظام المصري خطوات قوية ايجابية بصدده....

أما عن غضب الطبيعة من ذنوب البشر، التي وصلت لعنان السماء، فنتحدث عن عشرية غاضبة من البشر جمعاء:

اعصار تسونامي فى اكتوبر 2004 و230 ألف جثة طافية ... اعصار كاترينا سبتمبر 2005 ومصرع مليون وثلاثمائة شخص ... زلزال الصين و70 ألف ضحية ... وموجات الحر الشديد و الصقيع الآني ... علنا نتعظ ..

غير أن كل هذا لا يعبر عن غضب الطبيعة الحاكمة لمصر، والتي تسببت في مصرع 73 ألف مصري من جراء حوادث الطرق في 2007 فقط – والعهدة على زكريا عزمي – أضف الي قطار الصعيد واعطال المترو وضحايا قوارب الهجرة الغير شرعية – بل هي كوارث حكومية و ليست طبيعية ....

ومن حرب العراق وحرب غزة ولبنان و أسر جلعاد شاليط و حياة اكلينيكية اصطناعية لشارون و وفاة امير الكويت و رئيس الامارات والملك فهد ... و تعاون لوجيستي بين حزب الله والمقاومة الفلسطينية، و مقاومة النظام المصري لهذا التعاون لان في العملية رائحة ايرانية ..

تلك الريادة الاعلامية الحديثة تؤدي بنا إلي انقسامات واختلافات ايدولوجية حائرة، بين ما نتلقاه اعلاميا و"انترنتاً" و ثقافياً حتى مع ظهور وثائق ويكليكس ... فبالتالى ننقسم بين مؤيد لجهة ايرانية وسورية ولبنانية من جهة، وسعودية وهابية السمات من جهة اخري، وبين اسلام سعودي واسلام مصري واسلام ايراني...

ومن يحركون تلك الايدولوجيات خلف الستار لا يبحثون سوي على مصالح خاصة، ولا يطهون الا وجبات ذات نكهة تتماشي ومصالحهم ... ونحن الجائعون نستطعم ما يطهونه ... وبعضنا قد لا يستطعم ..

أعلم أن المقال استطالت فالعشرية الاولي تستحق مني هذا ....اصطبر فأنا على وشك الانتهاء...

والان بعد تأسيس مؤسسة محمد علاء مبارك احياءا لذكراه، واغلاق صحيفة الدستور و إنتهاء الانتخابات البرلمانية بطريقة كوميدية، تتشابه مع انتخابات عراقية "نزيهه"، والسلام الأوبامي وتوتر تركي صهيوني و مفاوضات سلام رتيبة ..

ورحيل وجوزية، و إشاعات رجوعه، و انهيار الاهلي و المنتخب أيضا ... ثم تنظيم قطر لكأس العالم 2016 و احتكار قناة الجزيرة للمباريات بدلا من الايه ار تي ..

و تحجيم البرادعي ومصرع خالد سعيد على يد باكيتة بانجو، و اعادة محاكمة هشام طلعت مصطفى (من الاول عشان الحبايب) وتجديد شعار الحزب الوطني " عشان تطمن على مستقبل اولادك" ...

بعد كل هذا ..

ما توقعاتك بالنسبة لـ 2011 ؟؟؟