الخميس، يناير 07، 2010

كلام عيال


كنت أسير مسرعة لقضاء بعض حوائج البيت ,استوقفني هذا الحوار الدائر بين طفلين معا....
الصورة كالآتي :
سيدة تحادث سيدة أخري باهتمام كل منهما تمسك بطفلها الاولي تمسك بطفلة لا تتجاوز الأربع أعوام والثانية تمسك بطفل في نفس العمر تقريبا : الحوار في الجزء الاعلي يدور حول المدارس و انفلوانزا الخنازير و الحالات العلنية والحالات السرية والمصروفات التي دفعت والاقساط الباقية والعلاقة بين ذلك وبين بدء الدراسة ثم انقطاعها سبب بضع حالات ...الخ
أما الحوار في الجزء الأدني والأكثر براءة هو بين الطفل والطفلة مدعوما بنظرات الأطفال الاستكشافية التأملية البريئة و مدعم ببعض اللمسات الطفولية , فهو يشير بسبابته الصغيرة إليها فيلامس كتفها وهي تحاول الامساك بأنامله الصغيرة في ابتسامة خجولة , ودار حوار صامت :
هو : ما أنت ؟ من انت ؟ أحواء انت التي يحكون عنها ويحدثنا التاريخ عنها؟
هي : هي أنا , حفيدة حواء الام ...
هو : انت من طردتيني من الجنة لتنزل إلي الارض وتعمرينها وتتكاثرين فتزدحم الارض بالتلوث والفساد و يمتلىء المناخ بسحب و الدخان...
هي : من اخترع الدخان وأدخله إلي صدر آدمي رجلا يا عزيزي , كما إنني لا أعمر الكون وحدي بل خلقنا الله لهذا الغرض وحرم اللواط من أجل هذا والجنة الذي تزعم طردك منها فلدي شهادة قرآنية تؤكد أن الشيطان وسوس لهما بالأكل من شجرة الخلد " وملكا لا يبلي ".... أي تمثل الشيطان في صورة أفعي وسوست لحواء و آدم ومن أصدق من الله قولا؟؟؟
ك هو: هل يعمر الكون الا بإغوائك لي , وقد خلقني الله ضعيفا ومنذ ظهرت سوئاتنا...؟
هي تبتتسم ...ابتسامة حواء و الموناليزا...
هو: آه من اغوائك , سأشقي به طوال حياتي , سأتمني الموت اذا ابتعدت واذا دنوت من نارك ستحرقينني كما ستحرق نار الاسعار ومتطلبات الزواج قلبي وربما أصطدم بالماديات وتطلعات الاناث إلي العيش اللوكس...
هي : إن الحياة بها من المعاناة التي خلقها الله لحكمة ما يجب ان تنقسم على اثنان يحملونها ولا يحملها سوانا " ان الانسان كان ظلوما جهولا "...
هو : تمتلئين بالحكم الان والزهد والفلسفة , لكنك تفقدين كل هذا حينما مع أول عقد من الالماس ...
هي : وانت !!!ربما تبيع مبادئك مع اول سيارة جميلة فارهه وبها من الحوريات و الاكلات الشهية الفاخرة...
هو: من أجل أن أقدمها لك...
هي : لا يا عزيزي , لان شهوة المال والعيش الكريم تجري في شرايينك...
هو: وكذلك انت , مصيبتي انت...
هي : انت لا تبحث عن الحب بدون مال وبنين وزينة الحياة الدنيا , اذا أتاك الحب تبحث عن المال و الطموح وربما الشهرة وتبرر هذا بأنه من أجل سيدتك... وفي الحقيقة انت الذي تشتهي , بينما أنا أبحث عن الحب فهو محور حياتي...
هو: انت تبحثين عن الرجل –وهو لعبتك – حتى يجلب لك المال لانك كسولة وعقلك منقوص لا تعرفين كيف تجلبينه...
هي : خلقك الله لتعمل وتعيلني وخلقني لأرشدك فكيف يكون لي عقل منقوص ؟ خلقني سكنا لك وكيف يكون السكن والحنان والمودة بدون عقل لا حنان بدون عقل وحكمة ومكر أيضا...
هو : ألن تطالبي بالمساواة في مستقبلك وربما ترأسينني في عمل ما أو تتحكمين في امتحان ما أو عمل ما ؟!!! ستطالبين بعمل ثم سرعان ما ستتذمرين من كثرة العمل وستهربين منه وتخترعين " التزويغ و الامضاءات المزيفة لحضور الموظفات والإجازات المرضية , سينهار عملك فقط ستأخذين فرصة رجل يعمل بجد دون انتاج حقيقي وإفادة حقيقية للمجتمع سوي أن تظهري للرجال حتى تصطادين عريسا ثم يتم سحبه إلي القفص ليكبل بالمصروفات وتأخذين انت من حساب وقتك وبيتك ورعايتك الاساسية الانثوية ....تحت مسمي " تعليمي , هويتي . ذاتي نصف المجتمع ....وغيرها من المسميات التي ربما تحصلين بها على اعجاب لا أكثر...
هي : إن كنت ستنمو على تلك المعايير فلا تقترب مني , سأعلمك كيف تكون المرأة حتى اذا أساءت بعض النساء أو نصفهن إلي عملهن فلأن هناك من يتصيدون الخطأ من حاملي غريزة الغرور –خطيئة ابليس- الذين لا يقبلون سوي كائن انثوي للتسلية في الفراش وماكينه لانتاج الأطفال وتعمير الكون ...إن هذا هو التصور الغريزي لك مهما بلغت من سمو وحضارة وتغير ...البيت والاسرة يا رجل مشاركة ,أي تواصل وعطاء مقسم ليس رجل يطير خارج البيت وعصفورة تربي وتتحمل مسئولية البيت وحدها تطهو وتتزين وترقص وتربي أفضل أجيال ليأتي هو متعبا وجائعا ليتناول الطعام ويربت على أكتاف الاطفال ثم يدخل لينام ويصحو ليشاهد التلفاز أو يخرج مع أصدقائه!!! أهذا يكون البرنامج اليومي لرجل هو نصف المجتمع ويتحدث في حقوق المرأة –النصف الثاني - مفكرا هل يخرج حقوقها من جيبه لها أم لا ؟؟؟!!!
هو: و مالمشكلة اذا كنت وأتعب خارج بيتي ثم أعود " للسكن " والراحة؟؟ متعة الكون والزواج أن أدخل بيتي فأتنفس الصعداء لأري حبيبتي تنتظرني بابتسامة تعدني بانهاء اعيائي وارهاقي بأية وسيلة فطرها الله عليها , وطعام ساخن ينتظرني مع دفء الاسرة ومخلوقين صغيرين يزحفان لي في براءة يبتسمان عندما ألوح لهما....ما الدنيا الا هذا المشهد؟؟
هي : فعلا , لديك كل الحق , متعة الدنيا في هذا المشهد ولكن لننظر إلي كواليس المشهد الجميل , امرأة تصحو لتجد الحياة خالية لا يوجد لديها وقت الا للطهو التنظيف و مراقبة الاولاد بعقل فارغ بملل وهل تدري ماذا سيفعل الملل بامرأة ؟؟؟ إن هذا المشهد الوردي لن يتكرر عمليا يوميا قد تراه يوما أو بعض يوم لكن اذا أعيد المشهد يوميا سيبعث على الملل ومهما كانت الصورة الوردية فإنها حينما تعاد لن تنظر اليها...فلتنزل الى الواقع...لتتخيل مشهدا آخر : تعود الزوجة معها ولدها من الحضانة لان اليوم دورها في جلبه ويعود الزوج بعد ذلك بقليل تبدأ هي في تحضير الطعام ثم يعود متشوقا لدفء الاسرة ودفء الزوجة ليهرول على المطبخ يحضران الطعام سويا أثناء الطعام والطهو يحكي كل منهما عما حدث لكل منهما في أثناء العمل , يكملان ما يستقينه من المجتمع , ثم يمضيان يغسلان الأطباق وحولهما تلعب الصغيرة , يستريحان مداعبين قرة عيناهما ثم يأتي المساء وقد يخرجان أو قد تقوم هي ببعض الاعمال وقد يشاركها وقد يصاب بالارهاق فتتدلل عليه ليساعدها أو قد ترجوه الا يساعدها حرصا عليه فالتفاهم المشترك هي الدبلة الذهبية التي تربطهما معا فهو يقدر دورها في المجتمع وفي حياته كما تؤمن هي نفسها فهي ليست " أمينة " السمات والاتجاهات بل هي تعي واجباتها و حقوقها جيدا كما غرسها فيها أمها وأبيها الذان ينتميان لنفس المشهد الحالي....
هو: لنر أي المشهدين سيتحقق...
هي : لنر ...ثم تدور وجهها بعيدا بأسي لتنظر إلي المجهول ولسان حالها يقول ...بل هناك ردة قادمة ...!!