الأربعاء، مارس 11، 2009

حدوتة

يوم زفاف صديقة طفولتي .كبرنا سويا ونمى ادراكنا للحياة والعالم الخارجي سويا مع الاختلاف بيننا. ومازلنا مختلفتين حتى الان لكن نقول ايه " ربنا يسعدها ويتمم بخير " كما يقولون في مجتمعاتنا , حتى لو كانت العروس ذات ماضي يثير لجاجة -كويسة لجاجة دي- قصدي يعني يثير جدل.
كنا طفلتين وصرنا مراهقتين وقد كنت دائما لا التفت الى الصبية الذين في طور الذكورة وقد اقتضت ذكورتهم أن يأتون بأفعالا من قبيل التحدث بصوت عالي ولفت انتباه المحيطين والمحيطات بهم وخصوصا المحيطات , الابتسامة لاي فتاة وفحصها بالنظر والرغبة القوية في التحدث اليها ...
كنت اندهش لماذا يفعلون هكذا وكانت تعجبها هي تلك الافعال جدا و تشعر بنشوة قوية عندما ينظر اليها الصبية نظرة شهوانية أو حتى نظرة اعجابية.
وكنا اذا تحدث الينا أحد منهم في الشارع أو في النادي تعرفت اليه فورا وبدون تردد أما عن ترددي فتطلق عليه "خيبة"!
وصرنا كذلك كالبطل في الافلام و السنيد فكانت هي عبد الحليم حافظ مثلا أو فريد الاطرش وصرت أنا عبد السلام النابلسي أو عبد المنعم ابراهيم ولكن مع الفارق أن البطل في قصتنا ليس رومانسيا يحب ويموت في البطلة , لا , بل البطلة هنا مغامرة تعيش قصص حب عديدة متداخلة زمنيا أحيانا و متتالية جدا .
كانت قصص الحب تقتضي التنازل أحيانا عن بعض القيم وبعض المبادىء و التقاليد, التفريط في عذرية الايدي وعذرية الشفاة مثلا....
وكم كنت -وأنا صغيرة- مبهورة بها وبقدرتها الفورية على ايقاع أي شاب في شركها.كم كنت أود أن أعيش قصة واحدة من قصصها . كنت دائما -ولازلت- أبحث عن قصة الحب لتكون حبي الوحيد , حب حياتي . فأنا أحادية الحب حتى لو وسوست لي نفسي بأن أقلد صديقتي فكان غرضي أن أبحث عن الحب . أما هي فلا أعرف عن ماذا كانت تبحث؟
واذا سألتوني لماذا أصحابها وأنا لا أرضي عن أفعالها أحيانا .
سأقول وأعترف بأنني منذ طفولتنا وأنا مبهورة بها وكأصدقاء طفولة كالأخوات بل هي أقرب لي من أختي فلماذا أترك صديقة عمري وعندما أدركت مؤخرا ان أفعالها خاطئة حدث التحول -الذي سأرويه لكم -بل وقعت في حيرة من أمري حتى بدا لي أن وجود تلك الصديقة في حياتي ليحيرني أكثر وأكثر.

هأنذا أذهب مسرعة لابدأ معها يومها التاريخي الذي لن يمحى من ذاكرتها بالطبع.يوم الزفاف والتوتر و القلق و تحضيرات الزفاف , كانت تستعجلني في الموبايل حتى آتي بسرعة فلا تشعر بالاطمئنان الا في وجودي...
أتذكر هذا الشاب الذي أعجبت به في سري ولكنه انجذب اليها رغم اننا تعرفنا اليه سويا عن طريق صديق لها. ظل يحاول الايقاع بينها وبين صديقها -الذي هو صديقه- حتى أخذها لنفسه وكم كنت أبكيه ليلا عندما أدخل الى سريري حتى وصلت لقناعة تامة أنني ليس بي أي مدخل أو وسيلة تجذب الجنس الآخر. وكان فعلا بحق وحقيقي جنسا آخر بالنسبة لي. فمن لا يعجبني لا أتحدث معه ومن يعجبني أخجل من مجرد النظر في وجهه أما صديقتي -العروس- فلا مانع لديها من التحدث الى من يعجبها ومن لا يعجبها .ولهذا صار الجنس الآخر بعيد عن أوطاني...
أما وطنها فمزدحم بالسكان.
حتى بعد أن تركته وتجدد لدي الأمل , علمت أنه تركها لخيانتها المتعددة له كما كنت أشعر بأن ما بينهما ليس حبا عذريا بل كان يلوثه قليل من " اللمم " كما تطلق عليها صديقتي أحيانا وكل هذا للاسف أدركته متأخرا جدا بعد تغيرها وتحويل مسار حياتها.
التحول بدأ عندما شابا عن طريق الانترنت وطبعا أغرمت به جدا حتى أقنعها بضرورة تغطية شعرها لانه لا يستطيع أن " يمشي مع واحدة غير محجبة" فوافقت على الفور ,عندما أخبرتني بقرارها لننزل سويا لنشتري أغطية الشعر اندهشت قائلة " بس الاول نصلي وبعدين " فردت على الفور وبسرعة " مانا هصلي".
انهدشت بعدها لانها لم تنتظم في الصلاة الا في الشهور الاولي للحجاب. زاد اندهاشي لان الشاب الصديق يصادق بنات كثيرات جدا عبر الانترنت كما كان يدخن و لا يصلي بانتظام ولكنه يسمع بانتظام الشرائط الدينية مع صديقتي متأثرين بما تحويه.
ثم بدأت تحدثني عن ضرورة أن أغطي شعري ثم بدأت النصيحة تتحول الى الحاح ثم ضيق وخصام أحيانا , لم أكن أفهم موقفها فكم كنت أقدس معنى تغطية الشعر وكنت أريد له أن يأتي من داخلي والحقيقة لم أكن أريده أن يأتي عن طريق هذا الشاب الذي لا يليق بمفهوم الحجاب فقد كنت أراه يحثها على دعوى صديقاتها الى الحجاب...
بعد أن تركا بعضهما البعض وجرحه لها كثيرا واهانته لها كثيرا ومعاملته لها معاملة الكفار وليس المسلمين , اكتأبت صديقتي جدا ...وشعرت انها كبرت وآن الاوان لأن تفكر في الاستقرار ...

أيقظتني كلاكسات السيارات وأنا ذاهبة اليها والطريق مزدحم كالعادة من سرحاني في زحام الذكريات.
سيكون افلرح اسلاميا , غير مختلط , سترتدي هي فستان الزفاف الكامل في قاعة السيدات ثم ترتدي زيها التقليدي النقاب بعد انقضاء الفرح...
نعم ارتدت النقاب بعد أن قضت ليالي طويلة تبكي حظها العثر و كان الله هو ملجأها فتقربت منه ذراعان فتقرب لها 24 عشرون ذراعا حتى رزقها الله بهذا الزوج السمح الوجه التقي ..
الحقيقة إنني فرحت بها -حتى رغم انها صارت تري كل من حولها قليل الدين و الحياء أيضا- سررت لها ولكن لا أخفي عليكم بأنني بعد أن صرت طبيبة متميزة في عملي وأرسم في اوقات فراغي وأكتب الشعر ولا زال الجنس الآخر بعيد عن أوطاني أيضا , صرت أحسدها تلك الصديقة بل لنقل أغبطها لانني حرمت نفسي من الجنس الاخر حتى أجد من أحبه ويحبني وجاري البحث عنه وسط العينات الغريبة الاطوارمن العرسان أو المرشحين للزواج, فأحتمي منهم برسوماتي. وهاهي صديقتي تعتلي أعلي الدرجات من التقوى و تقترن برجل عظيم .

لا أريد أن أتحدث عن الحسابات الخاطئة و الفارق بيني وبينها وبين اتجاهاتي واتجاهاتها, بل وقفت أما نفسي وقلت هل أنا على خطأ ؟ هل كان من المفترض أن أفتح قلبي حتى أجد الحب الحقيقي ؟ هل من المفترض أن أسير ضمن التيار أغطي شعري وجسدي حينما يريد المجتمع و أظل كما أنا الى أن يأتي المجتمع بأمرا كان مفعولا؟؟؟
صديقتي الان رغم عدم رضاها عن درجة تديني وتقواي فلا تزال تبقي على صداقتي فصديقاتها من مثيلاتها وطبعا يندهشن من صداقتها لي وكأني أمثل ماضيها ....عجبي أنا أمثل ماضيها ؟!!!!
ربنا يسعدها على أي الاحوال ويهدينا جمعاااااااااء