الأحد، يوليو 25، 2010

يمني ويسرا

كنت دائما أتصور إنني أملك زمام جسدي وأعضاءه ويداي اليمني واليسري ولكن الايام تثبت لي عكس ذلك...
فإذا كان لي عقل وقلب فلجسدي وأعضائي عقل وقلب أيضا .
اذا طاوعت نفسي قد لا تطاوعني أطرافي , قد أقر شيئا وترفضه يميني بل وتلفظه يساري أحيانا...
كنت أملك يميني ويساري , أأمرهما فيطيعاني , أوازن بينهما كزوج متزوج من اثنتين , رغم إنني ضد تعدد الزوجات غير إنني أحاول التوازن بين يدي اليمني واليسري...
كنت أكتب بيساري وأحيانا قليلة أكتب بيميني ...ثم اتجهت إلي يساري واعتمدت عليه اكثر... وأكثر حتى ذبلت يميني وكفت عن ايلامي لكنني مع ذلك كنت أقدرها وأعتني بها واستخدمها استخدامات عديدة أخري...
كنت أشعر أشعر وقتها أن كل الناس تؤثر استخدام أيديهم اليسري ويجنحون إلي يمينهم في أحيان قليلة والغالبية قد لا تستخدم اليمين اطلاقا وكان هذا مرضيا للجميع ولا توجد مشكلات...
حتى سار في الجو تيارا ينادي ياستخدام اليد اليمني. وأن " اليد اليمني خير من اليد اليسري "....
بدأ التيار خافتا ,ضعيفا يطالب على استحياء بأهمية اليد اليمني بحياتنا وبأن البركة من الرب تسري في الجانب الأيمن من الجسم.
ثم مالبث أن علا صوته و زادت قوته وصار صوتا غليظا بل صائحا متوعدا مجلجلا محموما بالكف عن استخدام اليسري تماما بل وعزلها اذا اقتضي الامر ...
سار التيار و انتشر كالنار في الهشيم وتوسع وامتد و توغل واستمر واستمر واستمر...
كثر وراجت بضاعته - أي التيار- و تشكل وصارت له صناعاته الخاصة به ...
وسط اندهاشي صار كل من حولي وكل من يقترب مني ويحيط بي يطالبني بالكف عن استخدام يدي اليسري في الكتابة
أو أي شىء بل ويتعجب ويبدي اندهاشا شديدا لانني لازلت استخدم يدي اليسري حتى ظننت انني وقعت ببلد غريب لا أعرفه ولم أعهده ولم أترب فيه من قبل ...
صرت مندهشة ويزداد ذهولي مع كل دعوة من أحد "للاهتداء" باليد اليمني في حياتي ولشدة قوة التيار وتأثيره خفت من بتر يدي اليسري و صرت أجنح لليمين أحيانا رغم أنفي...
انبلجت التيارات المضادة كرد فعل ...
جارتنا المختلفة عني تغيرت ...
كنا متقاربين...
البيت واحد
السر واحد
الباب واحد
واحيانا الجيب واحد
الافراح والهموم واحدة
والرب واحد

صرنا نتعامل بابتسامات ليست طبيعية , صرنا نتعامل بحذر خفي والتوجس يسكن خلف كل جملة أو ايماءة تقال...
ومهما كانت الحوادث كنت دائما أظهر لها الأمان والتقبل والتفهم ...كن يبدو أن اتيار صار أقوي وأقوي...
كنا نستخدم اليد اليسري دائما في كل شىء تقريبا واليمني نتركها نترك بعضهما البعض...
كنا نتوازن بين يمنانا ويسرانا...
الان حينما تراني ترفع يدها اليمني لترد تحيتي ولتعلن ما حفرته بها فأرفع يدي اليسري لأرد التحية ..فتصمت هي خجلة..
وأصمت أنا توترا فنتوتر معا ويصير الموقف غير طبيعيا ....
وكأن من وراءنا يحرك ايدينا وليس نحن من نمتلك إطرافنا...
صرت أجنح إلي يميني كثيرا رغم لوم وتقريع يسراي ...
حائرة أنا بين يميني ويسراي
لا أحد مصيب دائما والتوازن بينهما صعب كأنه جهاد من نوع آخر...
يريدون لي استخدام يميني مع اظهار كفها فقط وإن أمكن تغطيته بقفاز وتظهر الاطراف فقط ...
القفاز ليقيني من نار جهنم ربما مع اخفاء اليد اليسري تماما كأنها غير موجودة بل واذا تطلب الامر التعامل معها
كأنها غير موجودة ...وكأنها تمثل شيطاني ...
شيطاني ؟؟؟!!! شيطاني يكمن في عقلي لا في أي مكان آخر ...
إنه نحن ....نحن شياطين أنفسنا ياجماعة !!!!

" شششششش..." !!!
" لا تجادل ... إنه صوت يدك اليسري " ...!
" آآآه !!! من يداي ..."

كيف أعيش وقد صار يميني يخاصم يسراي , لم أعد مستقيمة ولا متوازنة اذا ....اذا اشتكت يسراي
لن يتداعي سائر الجسد كما تعودت بالسهر والحمي...
سأظل ممزقة ...كالأم الثكلي المتباعدة الاطراف.......


ليست هناك تعليقات: