السبت، فبراير 14، 2015

رنين الحياة

من الذي يشعر بلذة الحياة سوي من رأي التضاد بأم عينه وشعر به يختنق ويكاد يخرج منه..ء

دخلت هي الي الحجرة الكئيبة التي تشابه حجرة التحقيقات ( ليس غرفة التعذيب ) بمباحث أمن الدولة لتجد تابوت الكترونيا تخرج منه روحا بجسد والتي من المفترض ان تتبعها هي ...ء
خافت بل وشعرت برهبه وكأن موعد الدفن قد آن وكأنها تنتظر دورها في الوأد...ء
تري ماذا كانت تشعر تلك المؤوودة التي لا عقل لها حينما تخرج للحياة فيدخلها اهلها الي تجربة الاختناق حتى تلفظ انفاسها الطاهره
جادلت الممرضة انها لا تريد الدخول بهذا الجهاز وان لديها فوبيا من الاماكن المغلقة وان نفسها يضيق كلما شاهدت هذا المشهد بفيلما مثلا ,لكن حال الممرضات بمصر ( لسن ملائكة رحمة علي الاطلاق ) ككل ركن بمصر به علة
كانت الممرضة من ذوات الغمز واللمز الخفيف نظرا لان مركز الاشعة باهظ الثمن وليس بمستشفي عام فقالت بنفاد صبر
" جربي حضرتك  واول ما تضايقي رني الجرس "
ما إن دخل السرير الالكتروني داخل التابوت الالكتروني المسمي جهاز الرنين المغناطيسي حتى رنت  هي الجرس فورا وبضعة مرات بهستريا...ء
وجدت نفسها مكممة الأذنين حتى لا تسمع ازعاج الجهاز ومطبقة اللوح المقصود به مرور الشعاع علي الجزء المراد من الجسد ثم يفرق بين وجهها وبين طرف التابوت  بضعة سنتيمترات ...ء
وجدت نفسها وكأنها نجت من محاولة غرق او خنقها شخص  تبكي لاراديا وتمسك رقبتها حتى ادهشت الممرضة واتي الطبيب متسائلا ببسمة نابعة من كونه بمركز باهظ الثمن ومختلفة عن معاملته لمريض بمستشفي حكومي
بدا الطبيب ودودا بتأثير راتب المركز فحاول تهدئتها فأعلنت انها لن تكمل فتفادي  ان تمضي بدون اجراء الاشعة المغناطيسية ذات الرنين وحاول عكس وضعهها بحيث تكون رأسها في الهواء خارج التابوت ويكون الجسد وهو المراد اجراء الاشعة عليه داخل التابوت لتمرير الاشعة عليه
ارتاحت قليلا للوضع مع تربيت الطبيب عليها وطمأنتها وازاحة مايخيفها في حالة الفوبيا  توالت الصور العقلية التالية:ء

تري ماذا كان شعور الصبية المحشورين والمخنوقين في قفص غير آدمي لانهم متمسكين بتشجيع ودعم فريقهم الرياضي المهزوم اغلب الاوقات؟!ء
هي استغاثت فأغيثت في ثواني ولم يغاثوا هم والمسئول عن اغاثتهم اهتم بصدور اوامر بالتصرف  اكثر من اهتمامه بجدوي وقيمة حياتهم...ء
اغيثت  وشعرت باختناق وخوف ووجدت من يطمأنها بفعل الموقف و ربما المادة لكنهم لم يطمأنهم احد بل تعددت التهاماتهم مابين الاخوان و البلطجة حتى بعد موتهم وكانت هي نفسها من اول اللاعنين لهم
شعرت هي بأن روحها بلغت الحلقوم لكن مالبثت ان انقذت ولم يتم ذلك لهم بل تضخم الوجه المستميت في حلاوة الروح وخرجت الارواح من الحلقوم ومن عنق الزجاجة وتحررت من براثن الاهمال والنظام وعجزه وقسوة البشر وحساباتهم..ء

توالت صور الموتي حرقا في قطار الصعيد في عهد المخلوع التي كانت هي من انصاره وتري دائما انه ظلم وإنه يستحق التكريم لا الخلع..ء
والغريب انها دافعت باستماتة عن ضحايا قطار البدرشين في عهد الدكتور مرسي وقد وجدت صوتها اللائم يبرز هذا ...ء

شعرت بما شعر به ضحايا عبارة السلام في عهد المخلوع ايضا حينما اختنقت الجثث بالمياه وغمرتها , شعرت بما شعر به شباب مصر الهاربين علي مراكب الموت مضحيين بالغالي والرخيص في سبيل الهروب من الوطن , الوطن الذي ظلمهم وبينما هي تتناول الغذاء بالمطعم الباهظ تنعت وتلعن كل هارب علي قوارب الموت وتحكم علي مدي وطنيته...ء
شعرت بما شعر به المساجين المتكدسون بعربة الترحيلات وقد تفحمت جثثهم ودلت علي ظالمهم وقابض حياتهم الشقية وهي التي لطالما تعلق بلا مبالاه ان المجرمون اذا هربون يجب ان يعاقبوا
بلغ اختناقها الحلقوم لكنها عادت للحياة ولم يعودوا هم , لطالما لعنتهم بأنهم لا يستحقون الحياة طالما يتطاولون وهاهي الان تختنق لثواني فلا تحتمل رغم انها تطاولت وتتطاول وتلعن الثورة علي انها نكسة....ء
ربما شعرت بآخر لحظات خالد سعيد في الحياة وهي التي تنعته بالحشاش المفجر للنكسة  وقد ازهقت روحه علي ايدي طاغيوا الشرطة التي دائما تندلع للدفاع عنهم
ماالحياة الا لحظات تهون وتراها رخيصة وزهيدة كلمح البصر تستعاد بلمح البصر وتذهب منك في لمح البصر...ء
جلست  علي اقرب كرسي بعد انتهاء جلسة العظة - اقصد لحظات العظة السريعة -مشدوهة  تمسك برقبتها للحظات شاعرة بالدوار والروع من جراء  لحظات الاختناق القصيرة جدا  , لحظات قد تغير نظرتك للامور !!!ء

ظلت تبكي وتبكي وتراجع ماسبق ودوي جهاز الرنين لايزال يدق في أذنيها وسارت  بخطوات ثقيلة وبقايا دوار ودموع الفوبيا تسترجع كل لحظة من رنين الحياة ...ء

ليست هناك تعليقات: